الثلاثاء، 10 يناير 2012

المقاربة بين الثورة الفرنسية و الثورة التونسية



ان المشاهد للحركة السياسية في تونس يصيبه حتما نوع من الإحباط من خلال التداخل و التضارب و التآمر و التنبير الذي نشاهده كل يوم  يجب أن تعرفوا إخواني و أخواتي أن ما حصل في فرنسا هو نوع من أنواع الثقافة الثورية التي تطول مدتها وتجعل من الناس في حالة   هستيرية لا يحلو فيها الكلام و لا التفاهم و لا النقاش فكل شخص يضخ في نفسه نوع من اللا خوف و القوة الذي من شانها هدم الجبال و تشلبيق المسؤولين و البوليس كالإنسان البالعو 
  استأذنكم لسرد بعض ما حصل في الثورة الفرنسية ومدى المقاربة مع تونس المتأخرة ب 225 سنة حيث سأحاول أن أضيف بين قوسين التباين أو التضارب مع ثورتنا.
هذا ففي فرنسا سنة 1789 اابتدأت ٍ سلسلة متواصلة من التبدلات والتحولات الكبيرة، فأطيح بالدستور التاريخي لفرنسا(دستور 1967)، وتحولت الملكية المطلقة إلى ملكية دستورية أولاً ثم إلى جمهورية، وقطع رأسا الملك والملكة(هرب بن علي و ليلى)، ومات الآلاف من الناس في الحرب الأهلية(و أقصي ألاف من التجمعيين)، وتخلت الدولة عن ديانتها الكاثوليكية الوطنية القديمة(وهنا عمق الفرق بين تونس و فرنسا فحين تخلو على تدخل الدين في السلطة فنحن ببهامتنا التاريخية قمنا بالعكس)، وبيعت أوقاف الكنيسة لصالح الدولة (واحتلت المساجد من طرف السلفيين التحافن السمباتيك)، عدا عن ألف تغيير وتغيير، وكانت تلك هي الثورة الفرنسية(وكانت تلك هي الثورة التونسية).
لقد تجادل الناس كثيراً حول تاريخ بداية الثورة الفرنسية وتاريخ انتهائها، ولكن يمكننا أن نقول أنها ابتدأت في عام 1789 وانتهت في عام 1799 (أي ما يقارب 10 سنوات وهو الدليل أننا مازلنا ناكلو من لبن هذه الثورة المعفطة) عندما استولى نابليون بونابرت (راشد الغنوشي )على السلطة من السياسيين وأعاد فرنسا إلى الطريق نحو الملكية(و أعاد تونس الى طريق الخلافة)، ولم يعرف الناس قط عقداً مثل ذلك العقد(ولم يعرف الناس قط ميزيريا مثل تلك الميزيريا).
إن أكثر التغيرات تمت بحلول عام 1791(بحلول المجلس التأسيسي)، وكانت السنوات التالية حتى عام 1795 (2012)أكثر سنوات الثورة اضطراباً وهياجاً، ثم استقرت الأمور بعد ذلك إلى حد ما، وكانت فرنسا في ذلك الحين قد انقطعت عن جزء كبير من ماضيها(وكانت تونس في ذلك الحين قد انقطعت عن جزء كبير من جيرانها) ، وأعادت بناء دستورها على أساس المساواة أمام القانون(على أساس الدين)، إذ تم إلغاء طبقة النبلاء والتسامح الديني والحكم عن طريق جمعية وطنية مؤلفة من نواب منتخبين يحق لهم التشريع في أي أمر من الأمور بصرف النظر عن الحقوق والتقاليد( والحكم عن طريق مجلس من نواب منتخبين من أتعس ما يمكن أن تلد أمة جاهلة).
إلا أن أشياء كثيرة من الماضي قد استمرت، ولاريب أن الحياة في الريف(سيدي بوزيد و القصرين و قفصة) لم تتغير كثيراً، بالنظر إلى التقاليد القديمة المتأصلة(من رشوة و فساد و محسوبية) ، وحتى بعد خمسين سنة من عام 1789(2050) ظل بعض الفلاحين يحسبون باستخدام العملة القديمة(سيتعملون النقل الريفي المختلط).
ولكن الثورة مع هذا قلبت فرنسا(تونس) رأساً على عقب، إن الكثيرين من الناس لم ينسوا ما حصل ولم يقبلوا به قط، وقد ظلت الثورة طوال القرن التالية محك الآراء السياسية، فإذا كنت مع الثورة (فاذا لم تكن مع الثورة في تونس) فأنت تريد أن ينخفض نفوذ الكنيسة (الدين)عما كان عليه قبل عام 1789(2010)، وأنت تؤمن بحرية التعبير والكلام وبأن الرقابة على الصحافة عمل فاسد.
أما إذا كنت ضد الثورة(مع الثورة)، فأنت تتطلع إلى حكومة قوية، وتسعى لإعادة نفوذ الكنيسة (الاسلام) إلى حياة البلاد، وتعتقد أن الفساد هو السماح بانتشار الأفكار الضارة (التقدمية).
 ثم أصبحت الثورة تحت سلطان زعيم متسلط شديد التعصب هو روبسبير(راشد الغنوشي)
وقد دفع روبيسبير (راشد الغنوشي )بإثنان من رواد الثورة الى المقصلة هما دانتون وصديقه ديمولين حين أصدر الأخير كتابا إسمه (كوردليه العجوز) دعا فيه الى الرحمة والإعتدال فأعدم كلا من دانتون وديمولين سنة 1794م واشتط روبيسبير (راشد الغنوشي )في حكمه فأرسل الى المقصلة كل من تجراء على معارضته أومقاومته وتحول روبيسبير إلى وحش كاسر لا يشبع من سفك الدماء.. كل همه أن يظل في السلطة، ولو استدعي ذلك أن يسوق أقرب الناس إليه إلي الجيلوتين 'المقصلة' دون وازع من ضمير.. باسم العدالة.. وباسم الدفاع عن الثورة يفعل ذلك دون رحمة أو شفقة.. ودون أن يشعر بالخجل، ودون الإحساس بأنه من الممكن أن يساق إلي نفس المصير المؤلم الذي ساق إليه الآخرين..
وفي 10 حزيران يونيو عام 1794م أصدر قانونا هو بمثابة سيف مسلط على رؤوس أعضاء المؤتمر الوطني (المجلس التاسيسي)وهو حرمانهم من حصاناتهم البرلمانيه وأجاز محاكمتهم دون الرجوع للمؤتمر الوطني وخشي أعضاء المؤتمر الذين وعوا دروس المقصلة جيدا.. على أنفسهم ولذلك قام بعض أعضاء المؤتمر الوطني بزعامة باراس بالعمل بسرعة للتخلص من هذا الكابوس المرعب خاصة أن أكثر الفئات حماسا وتأييدا للجمهورية كانت قد سئمت المشاهد الدمويه ورؤية العربات يوميا تحمل أفواجا من الناس من السجن الى المقصله
وهكذا تم إقتحام (الوزارة الاولى)دار البلديه حيث روبيسبير و أعوانه (حمادي جبالي)وعمت الفوضى المكان وحدث ما حدث: أحد مساعدي روبسير ويدعُى "لابيس" (ديلو)قتل نفسه بطلقة نارية, أخو القائد روبسير " أوغستين روبسير" حاول الهروب من خلال نافذة عالية ولكنه سقط من ارتفاع ومات فورا, " كوثن" أحد المساعدين ضربه أحد الجنود على ذراعيه ولم يستطع الهرب, أما بالنسبة للقائد روبسير فقد أطلقُت عليه   رصاصة في أسفل فكه وخر على الارض خاصة أن حالته الصحية لم تكن على ما يرام قبل الهجوم.....ويقال أن الجرح الذي خلفته الرصاصة كان جرحا بليغا وقد تألم روبيسبير كثيرا واقتيد هو ورفاقه الى السجن ويقال أن ساينت-جست صديقه وذراعه الأيمن رفض أن يتركه لوحده لذلك لازمه في السجن واعتنى به من دون فائدة لأن الجرح كان بليغاً ورفض الحراس أن يحضروا له الطبيب......ويقال أن أحد السجناء شاهد ساينت-جست يتحدث الى القائد روبسير الذي كان يئن من الالم قائلا لهً " ستكون بخير يا قائدي العظيم" وكانت الدموع قد ملئت عينيه مع أنه لم يبكي على أي موقف من قبل, حسب ما قاله رفاقه... ولم يحاكم روبيسبير ومن معه وانما أرسلوا الى المقصلة في اليوم التالي ليشرب من الكأس التي طالما أذاقها للأخرين وهكذا في يوليو/تموز 28 أعدم روبسبير بواسطة المقصلة مَع شركائه المقرّبين ساينت جست وجورجيس كوثون بالإضافة الى 19 من مؤيدِيه وهكذا انتهت هذه الصفحة القاتمة التي ألقت ظلالها الكثيفة علي فترة من فترات التاريخ الفرنسي